السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الكل يعلم ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ارسل رسائل الى ملوك عصره بدعوهم فيها لاسلام عملا بالاية الكريمة قول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ".
وهده بعض الرسائل التي بعثها النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك عصره:
رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم:
جاء في حديث أبي سفيان الطويل ( ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ وَ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وَارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ )
رواه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الوحي رقم (6) ومسلم في كتاب الجهاد والسير رقم(3322) .
_________
الأريسيون: الأكارون، أي الفلاحون قال أبو عبيد: المراد بالفلاحين أهل مملكته، لأن كل من كان يزرع فهو عند العرب فلاح، سواء كان يلي ذلك بنفسه أو بغيره، قال الخطابي: أراد أن عليك إثم الضعفاء والأتباع إذا لم يسلموا تقليداً له، لأن الأصاغر أتباع الأكابر. انظر زاد المعاد في هدي خير العبادبتحقيق شعيب الأرنؤوط وعبدالقادر الأرنؤوط (3/688).
رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة، وجواب النجاشي:
وَكَتَبَ إلَى النّجَاشِيّ : بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ مِنْ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ إلَى النّجَاشِيّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ أَسْلِمْ أَنْتَ فَإِنّي أَحْمَدُ إلَيْكَ اللّهَ الّذِي لَا إلَهَ إلّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدّوسُ السّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ وَأَشْهَدُ أَنّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رُوحُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ الْبَتُولِ الطّيّبَةِ الْحَصِينَةِ فَحَمَلَتْ بِعِيسَى فَخَلَقَهُ اللّهُ مِنْ رُوحِهِ وَنَفَخَهُ كَمَا خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ وَإِنّي أَدْعُوكَ إلَى اللّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَالْمُوَالَاةِ عَلَى طَاعَتِهِ وَأَنْ تَتْبَعَنِي وَتُؤْمِنَ بِاَلّذِي جَاءَنِي فَإِنّي رَسُولُ اللّهِ وَإِنّي أَدْعُوكَ وَجُنُودَكَ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَقَدْ بَلّغْتُ وَنَصَحْت فَاقْبَلُوا نَصِيحَتِي وَالسّلَامُ عَلَى مَنْ اتّبَعَ الْهُدَى وَبَعَثَ بِالْكِتَابِ مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيّةَ الضّمْرِيّ فَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : إنّ عَمْرًا قَالَ لَهُ يَا أَصْحَمَةَ إنّ عَلَيّ الْقَوْلَ وَعَلَيْكَ الِاسْتِمَاعَ إنّك كَأَنّك فِي الرّقّةِ عَلَيْنَا وَكَأَنّا فِي الثّقَةِ بِك مِنْك لِأَنّا لَمْ نَظُنّ بِك خَيْرًا قَطّ إلّا نِلْنَاهُ وَلَمْ نَخَفْكَ عَلَى شَيْءٍ قَطّ إلّا أَمِنّاهُ وَقَدْ أَخَذْنَا الْحُجّةَ عَلَيْك مِنْ فِيك الْإِنْجِيلُ بَيْنَنَا وَبَيْنَك شَاهِدٌ لَا يُرَدّ وَقَاضٍ لَا يَجُورُ وَفِي ذَلِكَ مَوْقِعُ الْحَزّ وَإِصَابَةُ الْمُفَصّلِ وَإِلّا فَأَنْتَ فِي هَذَا النّبِيّ الْأُمّيّ كَالْيَهُودِ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَقَدْ فَرّقَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رُسُلَهُ إلَى النّاسِ فَرَجَاك لِمَا لَمْ يَرْجُهُمْ لَهُ وَأَمّنَك عَلَى مَا خَافَهُمْ عَلَيْهِ بِخَيْرِ سَالِفٍ وَأَجْرٍ يُنْتَظَرُ . فَقَالَ النّجَاشِيّ : أَشْهَدُ بِاَللّهِ أَنّهُ النّبِيّ الْأُمّيّ الّذِي يَنْتَظِرُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ وَأَنّ بِشَارَةَ مُوسَى بِرَاكِبِ الْحِمَارِ كَبِشَارَةِ عِيسَى بِرَاكِبِ الْجَمَلِ وَأَنّ الْعِيَانَ لَيْسَ بِأَشْفَى مِنْ الْخَبَرِ.
جواب النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ثُمّ كَتَبَ النّجَاشِيّ جَوَابَ كِتَابِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ " بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ إلَى مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ مِنْ النّجَاشِيّ أَصْحَمَةَ سَلَامٌ عَلَيْك يَا نَبِيّ اللّهِ مِنْ اللّهِ وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ اللّهُ الّذِي لَا إلَهَ إلّا هُوَ أَمّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي كِتَابُك يَا رَسُولَ اللّهِ فِيمَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ عِيسَى فَوَرَبّ السّمَاءِ وَالْأَرْضِ إنّ عِيسَى لَا يَزِيدُ عَلَى مَا ذَكَرْتَ ثُفْرُوقًا إنّهُ كَمَا ذَكَرْت وَقَدْ عَرَفْنَا مَا بُعِثْت بِهِ إلَيْنَا وَقَدْ قَرّبْنَا ابْنَ عَمّك وَأَصْحَابَهُ فَأَشْهَدُ أَنّك رَسُولُ اللّهِ صَادِقًا مُصَدّقًا وَقَدْ بَايَعْتُك وَبَايَعْتُ ابْنَ عَمّك وَأَسْلَمْتُ عَلَى يَدَيْهِ لِلّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ " . وَالثّفْرُوقُ عِلَاقَةٌ مَا بَيْنَ النّوَاةِ وَالْقِشْرِ .
انظر دلائل النبوة للبيهقي (2/187) وزاد المعاد في هدي خير العباد (689-690).
رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى عظيم فارس:
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِكِتَابِهِ رَجُلًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ.
رواه البخاري في كتاب العلم رقم (62)
قال ابن القيم رحمه الله: ( وكتب إلى كسرى: " بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، أدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين، أسلم تسلم فإن أبيت فعليك إثم المجوس" فلما قرئ عليه الكتاب، مزقه ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (مزق الله ملكه). شرح المواهب: (3/340) ونصب الراية (4/421) انظر زاد المعاد لابن القيم (3/688).
رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك مصر والإسكندرية وجواب المقوقس:
وَكَتَبَ إلَى الْمُقَوْقِسِ مَلِكِ مِصْرَ وَالْإِسْكَنْدَرِيّةِ : بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ مِنْ مُحَمّدٍ عَبْدِ اللّهِ وَرَسُولِهِ إلَى الْمُقَوْقِسِ عَظِيمِ الْقِبْطِ سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتّبَعَ الْهُدَى أَمّا بَعْدُ فَإِنّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللّهُ أَجْرَكَ مَرّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلّيْت فَإِنّ عَلَيْكَ إثْمَ الْقِبْطِ { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلّا نَعْبُدَ إِلّا اللّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللّهِ فَإِنْ تَوَلّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنّا مُسْلِمُونَ } [ آلِ عِمْرَانَ 64 ] وَبَعَثَ بِهِ مَعَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ فَلَمّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ إنّهُ كَانَ قَبْلَك رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنّهُ الرّبّ الْأَعْلَى فَأَخَذَهُ اللّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى فَانْتَقَمَ بِهِ ثُمّ انْتَقَمَ مِنْهُ فَاعْتَبَرَ بِغَيْرِك وَلَا يَعْتَبِرُ غَيْرُك بِك . فَقَالَ إنّ لَنَا دِينًا لَنْ نَدَعَهُ إلّا لِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ فَقَالَ حَاطِبٌ نَدْعُوك إلَى دِينِ اللّهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ الْكَافِي بِهِ اللّهُ فَقْدَ مَا سِوَاهُ إنّ هَذَا النّبِيّ دَعَا النّاسَ فَكَانَ أَشَدّهُمْ عَلَيْهِ قُرَيْشٌ وَأَعْدَاهُمْ لَهُ الْيَهُودُ وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ النّصَارَى وَلَعَمْرِي مَا بِشَارَةُ مُوسَى بِعِيسَى إلّا كَبِشَارَةِ عِيسَى بِمُحَمّدٍ وَمَا دُعَاؤُنَا إيّاكَ إلَى الْقُرْآنِ إلّا كَدُعَائِك أَهْلَ التّوْرَاةِ إلَى الْإِنْجِيلِ وَكُلّ نَبِيّ أَدْرَكَ قَوْمًا فَهُمْ مِنْ أُمّتِهِ فَالْحَقّ عَلَيْهِمْ أَنْ يُطِيعُوهُ وَأَنْتَ مِمّنْ أَدْرَكَهُ هَذَا النّبِيّ وَلَسْنَا نَنْهَاك عَنْ دِينِ الْمَسِيحِ وَلَكِنّا نَأْمُرُك بِهِ . فَقَالَ الْمُقَوْقِسُ : إنّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ هَذَا النّبِيّ فَوَجَدْتُهُ لَا يَأْمُرُ بِمَزْهُودٍ فِيهِ وَلَا يَنْهَى عَنْ مَرْغُوبٍ فِيهِ وَلَمْ أَجِدْهُ بِالسّاحِرِ الضّالّ وَلَا الْكَاهِنِ الْكَاذِبِ وَوُجِدَتْ مَعَهُ آيَةُ النّبُوّةِ بِإِخْرَاجِ الْخَبْءِ وَالْإِخْبَارِ بِالنّجْوَى وَسَأَنْظُرُ وَأَخَذَ كِتَابَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَجَعَلَهُ فِي حُقّ مِنْ عَاجٍ وَخَتَمَ عَلَيْهِ وَدَفَعَهُ إلَى جَارِيَةٍ لَهُ ثُمّ دَعَا كَاتِبًا لَهُ يَكْتُبُ بِالْعَرَبِيّةِ فَكَتَبَ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ لِمُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ مِنْ الْمُقَوْقِسِ عَظِيمِ الْقِبْطِ سَلَامٌ عَلَيْك أَمّا بَعْدُ فَقَدْ قَرَأْتُ كِتَابَك وَفَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ فِيهِ وَمَا تَدْعُو إلَيْهِ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنّ نَبِيّا بَقِيَ وَكُنْتُ أَظُنّ أَنّهُ يَخْرُجُ بِالشّام ِ وَقَدْ أَكْرَمْتُ رَسُولَك وَبَعَثْتُ إلَيْك بِجَارِيَتَيْنِ لَهُمَا مَكَانٌ فِي الْقِبْطِ عَظِيمٌ وَبِكِسْوَةٍ وَأَهْدَيْتُ إلَيْك بَغْلَةً لِتَرْكَبَهَا وَالسّلَامُ عَلَيْك . وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَلَمْ يَسْلَمْ وَالْجَارِيَتَانِ مَارِيَةُ وَسِيرِينُ وَالْبَغْلَةُ دُلْدُلُ بَقِيَتْ إلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ .
انظر شرح المواهب (3/348) ونصب الراية (4/421-422) وزاد المعاد (3/691-692).
رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك عمان:
وَكَتَبَ إلَى مَلِكِ عُمَانَ كِتَابًا وَبَعَثَهُ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ مِنْ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ إلَى جَيْفَرَ وَعَبْدٍ ابْنَيْ الْجُلَنْدَى سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتّبَعَ الْهُدَى أَمّا بَعْدُ فَإِنّي أَدْعُوكُمَا بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمَا تَسْلَمَا فَإِنّي رَسُولُ اللّهِ إلَى النّاسِ كَافّةً لِأُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّا وَيَحِقّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ فَإِنّكُمَا إنْ أَقْرَرْتُمَا بِالْإِسْلَامِ وَلّيْتُكُمَا وَإِنْ أَبَيْتُمَا أَنْ تُقِرّا بِالْإِسْلَامِ فَإِنّ مُلْكَكُمَا زَائِلٌ عَنْكُمَا وَخَيْلِي تَحُلّ بِسَاحَتِكُمَا وَتَظْهَرُ نُبُوّتِي عَلَى مُلْكِكُمَا . وَكَتَبَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ وَخَتَمَ الْكِتَابَ . قَالَ عَمْرٌو : فَخَرَجْتُ حَتّى انْتَهَيْتُ إلَى عُمَانَ فَلَمّا قَدِمْتهَا عَمَدْتُ إلَى عَبْدٍ وَكَانَ أَحْلَمَ الرّجُلَيْنِ وَأَسْهَلَهُمَا خُلُقًا فَقُلْتُ إنّي رَسُولُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَيْك وَإِلَى أَخِيك فَقَالَ أَخِي الْمُقَدّمُ عَلَيّ بِالسّنّ وَالْمُلْكِ وَأَنَا أُوصِلُك إلَيْهِ حَتّى يَقْرَأَ كِتَابَك ثُمّ قَالَ وَمَا تَدْعُو إلَيْهِ ؟ قُلْت : أَدْعُوك إلَى اللّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَتَخْلَعَ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِهِ وَتَشْهَدُ أَنّ مُحَمّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . قَالَ يَا عَمْرُو إنّك ابْنُ سَيّدِ قَوْمِك فَكَيْفَ صَنَعَ أَبُوكُ فَإِنّ لَنَا فِيهِ قُدْوَةً ؟ قُلْتُ مَاتَ وَلَمْ يُؤْمِنْ [ ص 606 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَوَدِدْتُ أَنّهُ كَانَ أَسْلَمَ وَصَدّقَ بِهِ وَقَدْ كُنْتُ أَنَا عَلَى مِثْلِ رَأْيِهِ حَتّى هَدَانِي اللّهُ لِلْإِسْلَامِ قَالَ فَمَتَى تَبِعْتَهُ ؟ قُلْتُ قَرِيبًا فَسَأَلَنِي أَيْنَ كَانَ إسْلَامُك ؟ قُلْت : عِنْدَ النّجَاشِيّ وَأَخْبَرْته أَنّ النّجَاشِيّ قَدْ أَسْلَمَ قَالَ فَكَيْفَ صَنَعَ قَوْمُهُ بِمُلْكِهِ ؟ فَقُلْت : أَقَرّوهُ وَاتّبَعُوهُ قَالَ وَالْأَسَاقِفَةُ وَالرّهْبَانُ تَبِعُوهُ ؟ قُلْت : نَعَمْ . قَالَ اُنْظُرْ يَا عَمْرُو مَا تَقُولُ إنّهُ لَيْسَ مِنْ خَصْلَةٍ فِي رَجُلٍ أَفْضَحَ لَهُ مِنْ الْكَذِبِ قُلْته : مَا كَذَبْت وَمَا نَسْتَحِلّهُ فِي دِينِنَا ثُمّ قَالَ مَا أَرَى هِرَقْلَ عَلِمَ بِإِسْلَامِ النّجَاشِيّ قُلْت : بَلَى .
قَالَ بِأَيّ شَيْءٍ عَلِمْت ذَلِكَ ؟
قُلْت : كَانَ النّجَاشِيّ يُخْرِجُ لَهُ خَرْجًا فَلَمّا أَسْلَمَ وَصَدّقَ بِمُحَمّدٍ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَا وَاَللّهِ لَوْ سَأَلَنِي دِرْهَمًا وَاحِدًا مَا أَعْطَيْته فَبَلَغَ هِرَقْلَ قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ يَنّاقُ أَخُوهُ أَتَدَعُ عَبْدَك لَا يُخْرِجُ لَك خَرْجًا وَيَدِينُ دِينًا مُحْدَثًا ؟ قَالَ هِرَقْلُ رَجُلٌ رَغِبَ فِي دِينٍ فَاخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ مَا أَصْنَعُ بِهِ وَاَللّهِ لَوْلَا الضّنّ بِمُلْكِي لَصَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ قَالَ اُنْظُرْ مَا تَقُولُ يَا عَمْرُو قُلْت : وَاَللّهِ صَدّقْتُك . قَالَ عَبْدٌ فَأَخْبِرْنِي مَا الّذِي يَأْمُرُ بِهِ وَيُنْهِي عَنْهُ ؟ قُلْتُ يَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَيَنْهَى عَنْ مَعْصِيَتِهِ وَيَأْمُرُ بِالْبِرّ وَصِلَةِ الرّحِمِ وَيَنْهَى عَنْ الظّلْمِ وَالْعُدْوَانِ وَعَنْ الزّنَى وَعَنْ الْخَمْرِ وَعَنْ عِبَادَةِ الْحَجَرِ وَالْوَثَنِ وَالصّلِيبِ . قَالَ مَا أَحْسَنَ هَذَا الّذِي يَدْعُو إلَيْهِ لَوْ كَانَ أَخِي يُتَابِعُنِي عَلَيْهِ لَرَكِبْنَا حَتّى نُؤْمِنَ بِمُحَمّدٍ وَنُصَدّقَ بِهِ وَلَكِنْ أَخِي أَضَنّ بِمُلْكِهِ مِنْ أَنْ يَدَعَهُ وَيَصِيرَ ذَنَبًا قُلْت : إنّهُ إنْ أَسْلَمَ مَلّكَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى قَوْمِهِ فَأَخَذَ الصّدَقَةَ مِنْ غَنِيّهِمْ فَرَدّهَا عَلَى فَقِيرِهِمْ . قَالَ إنّ هَذَا لَخُلُقٌ حَسَنٌ وَمَا الصّدَقَةُ ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا فَرَضَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الصّدَقَاتِ فِي الْأَمْوَالِ حَتّى انْتَهَيْتُ إلَى الْإِبِلِ . قَالَ يَا عَمْرُو : وَتُؤْخَذُ مَنْ سَوَائِمِ مَوَاشِينَا الّتِي تَرْعَى الشّجَرَ وَتَرِدُ الْمِيَاهَ ؟ فَقُلْت : نَعَمْ . فَقَالَ وَاَللّهِ مَا أُرَى قَوْمِي فِي بُعْدِ دَارِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ يُطِيعُونَ بِهَذَا قَالَ فَمَكَثْتُ بِبَابِهِ أَيّامًا وَهُوَ يَصِلُ إلَى أَخِيهِ فَيُخْبِرُهُ كُلّ خَبَرِي ثُمّ إنّهُ دَعَانِي يَوْمًا فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَخَذَ أَعْوَانُهُ بِضَبُعَيّ فَقَالَ دَعُوهُ فَأُرْسِلْت فَذَهَبْت لِأَجْلِسَ فَأَبَوْا أَنْ يَدْعُوَنِي أَجْلِسَ فَنَظَرْت إلَيْهِ فَقَالَ تَكَلّمْ بِحَاجَتِك فَدَفَعْت إلَيْهِ الْكِتَابَ مَخْتُومًا فَفَضّ خَاتَمَهُ وَقَرَأَ حَتّى انْتَهَى [ ص 607 ] أَخِيهِ فَقَرَأَهُ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ إلّا أَنّي رَأَيْت أَخَاهُ أَرَقّ مِنْهُ قَالَ أَلَا تُخْبِرُنِي عَنْ قُرَيْشٍ كَيْفَ صَنَعَتْ ؟ فَقُلْت : تَبِعُوهُ إمّا رَاغِبٌ فِي الدّينِ وَإِمّا مَقْهُورٌ بِالسّيْفِ . قَالَ وَمَنْ مَعَهُ ؟ قُلْت : النّاسُ قَدْ رَغِبُوا فِي الْإِسْلَامِ وَاخْتَارُوهُ عَلَى غَيْرِهِ وَعَرَفُوا بِعُقُولِهِمْ مَعَ هُدَى اللّهِ إيّاهُمْ أَنّهُمْ كَانُوا فِي ضَلَالٍ فَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا بَقِيَ غَيْرَك فِي هَذِهِ الْحَرَجَةِ وَأَنْتَ إنْ لَمْ تُسْلِمْ الْيَوْمَ وَتَتْبَعْهُ يُوَطّئْك الْخَيْلَ وَيُبِيدُ خَضْرَاءَك فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ وَيَسْتَعْمِلْك عَلَى قَوْمِك وَلَا تَدْخُلْ عَلَيْك الْخَيْلُ وَالرّجَالُ . قَالَ دَعْنِي يَوْمِي هَذَا وَارْجِعْ إلَيّ غَدًا فَرَجَعْتُ إلَى أَخِيهِ فَقَالَ يَا عَمْرُو إنّي لَأَرْجُو أَنْ يُسْلِمَ إنْ لَمْ يَضِنّ بِمُلْكِهِ حَتّى إذَا كَانَ الْغَدُ أَتَيْتُ إلَيْهِ فَأَبَى أَنْ يَأْذَنَ لِي فَانْصَرَفْتُ إلَى أَخِيهِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنّي لَمْ أَصِلْ إلَيْهِ فَأَوْصَلَنِي إلَيْهِ فَقَالَ إنّي فَكّرْتُ فِيمَا دَعَوْتنِي إلَيْهِ فَإِذَا أَنَا أَضْعَفُ الْعَرَبِ إنْ مَلّكْتُ رَجُلًا مَا فِي يَدِي وَهُوَ لَا تَبْلُغُ خَيْلُهُ هَا هُنَا وَإِنْ بَلَغَتْ خَيْلُهُ أَلْفَتْ قِتَالًا لَيْسَ كَقِتَالِ مَنْ لَاقَى . قُلْت : وَأَنَا خَارِجٌ غَدًا فَلَمّا أَيْقَنَ بِمَخْرَجِي خَلَا بِهِ أَخُوهُ فَقَالَ مَا نَحْنُ فِيمَا قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ وَكُلّ مَنْ أَرْسَلَ إلَيْهِ قَدْ أَجَابَهُ فَأَصْبَحَ فَأَرْسَلَ إلَيّ فَأَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ هُوَ وَأَخُوهُ جَمِيعًا وَصَدّقَا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَخَلّيَا بَيْنِي وَبَيْنَ الصّدَقَةِ وَبَيْنَ الْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَكَانَا لِي عَوْنًا عَلَى مَنْ خَالَفَنِي .
انظر شرح المواهب (3/352-355) ونصب الراية (4/423-424) وزاد المعاد (3/693-696).
قال صلى الله عليه وسلم:" بلغوا عني ولو اية"(رواه البخاري)اللهم إجعلنا من الدين يبلغون رسالة الحبيب صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم.
قاهر الصلبيين والروافض يوسف بن تاشفين